عن أبي واقد الليثي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد والناس معه إذ أقبل ثلاثة نفر فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد ، قال فوقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها ، وأما الآخر فجلس خلفهم ، وأما الثالث فأدبر ذاهباً ، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ألا أخبركم عن النفر الثلاثة أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله ، وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه ، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه " رواه البخاري .
وإذا كان رمضان هو درس من دروس الإسلام العظيمة فالناس بالنسبة له أيضا ثلاثة أصناف:
• صنف أوى إلى رمضان وقام ليله وصام نهاره وأقام ما أمره الله ونهى عن ما نهى الله وعاهد الله على التوبة والالتزام وعدم النكوص ( إِنَّ الَّذِحب يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نّعيبثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ) قد عاهد نفسه على أن يغير نفسه نحو الأحسن وكره أن يعود في المعصية والكفر كما كره أن يقذف في النار وهذه حلاوة الإيمان فيجدها في قلبه تعينه على الاستمرارية والطاعة وعدم النكوص.
• وصنف آخر أثر فيه رمضان على استحياء من الله ومن الناس فهو يستحيي من الله ويستحيي من الناس قد قام رمضان وصامه لكنه لم يعقد العزم على التوبة والإنابة فهو متردد بين ذلك وذلك أولئك قال عنهم الله ( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) فهؤلاء يحتاجون إلى عزيمة وإصرار واهتمام بدينهم حتى يدخلون في الصنف الأول .
• وصنف ثالث من الناس دخل عليهم رمضان وذهب رمضان ولم يحرك فيهم ساكناً ولم يؤثر في حيلتهم ولم يهز شيئاً من كيانهم كأنهم المعرضون الذي تتلى عليهم آيات الله فيدبرون عنها ويفرون منها ، هؤلاء هم الصنف الخطير والأخطر في المجتمع فهذه هي أصناف الناس أمام رمضان وأمام كل درس من دروسه .
فيا ربنا اجعلنا من الذين استأنسوا بالله في رمضان واجعلنا من الذين أووا إلى رمضان فآواهم الله إليه واجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه آمين .